메인메뉴 바로가기본문으로 바로가기

On the Road

2024 SPRING

سر للمجتمع الجيد

في بلدة يتشون الواقعة في محافظة غيونغ سانغ الشمالية، يوجد واحد من عشرة أماكن جميلة للسكن كان الكوريون القدماء يلجأون إليها في الأوقات الصعبة في عهد مملكة جوسون. كذلك، تتمتع البلدة بالروح الاجتماعية والبيئة الطبيعية الجذابة فضلا عن الجمال الكوري التقليدي.
Yecheon

ⓒ منظمة السياحة الكورية


كما هو الحال في معظم البلدان، ظهرت المستوطنات الأولى في شبه الجزيرة الكورية على طول الأنهار أو في المناطق الساحلية ثم شكلت مراكز للتجارة والنقل. تقع بلدة يتشون، وهي منطقة جبلية نائية في محافظة غيونغ سانغ الشمالية، في مكان يلتقي فيه أطول نهر في كوريا الجنوبية “نهر ناك دونغ” بنهرين صغيرين آخرين، هما نهر نيسونغ ونهر غومتشون. وكانت هذه المنطقة تجذب كثيرا من الأشخاص الذين كانوا يعتمدون على القوارب النهرية والتجارة.

في مرصد “هوي ريونغ بو”، وهو سرادق كوري تقليدي يقع بالقرب من قمة جبل بيريونغ الذي يبلغ ارتفاعه ٢٤٠ مترا، يمكن التمتع بإطلالة شاملة لقرية “هوي ريونغ” التي تكون على شكل دمعة ويعني اسمها “قرية بجانب نهر يمر به التنين”. يُشار إلى أن القرية تُسمى أيضا بـ”جزيرة في البر الرئيس” لأن نهر نيسونغ يحيط بمعظمها فيجعل شكلها كأنه شكل جزيرة.

يلتقي نهر ناكدونغ بروافده في مكان ما على بعد حوالي كيلومترين من المرصد. قبل ظهور خطوط السكك الحديدية والسيارات، كانت القوارب تأخذ الأشخاص عند هذا التقاطع النهري أكثر من ٣٠ مرة في اليوم بسبب تردد كثير من المسافرين عليه. مع ذلك، خرب فيضان عام ١٩٣٤ كل شيء باستثناء حانة “سامغانغ” وشجرة يبلغ عمرها أكثر من ٥٠٠ عام توجد بجوار الحانة. ما تزال الحانة موجودة إلا أنها لا تُستخدم الآن فيواصل المبنى الجديد الذي بُني بجوارها إرثها حيث يقدم عجة الملفوف “بيتشو جون” ومشروب “ماكغولي” من الأرز لزوار الحانة كما فعلت الحانة منذ قرون مضت.

أصبحت كوريا الجنوبية متحضرة بسرعة بعد انتهاء الحرب الكورية، فخلت قرًى ريفية كثيرة من سكانها بسبب نزوحهم إلى المدن الكبرى. وليست بلدة يتشون استثناء لذلك فقد تركها أكثر من نصف سكانها. مع ذلك فقد أصبح كل من قرية “هوي ريونغ” والمرصد الموجود في بلدة يتشون مقصدا سياحيا مشهورا بفضل المجلات السياحية والمسلسلات التلفزيونية ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي اليوم. لكن رحلتي الأخيرة إلى بلدة يتشون هدفت إلى تسليط الضوء على جانب أقل شهرة من البلدة؛ تاريخها وثقافتها التقليدية التي لا يمكن العثور عليها في المدن الكبرى.

قرية كومدانجسيل

ما تزال المباني التقليدية التي بُنيت في عصر مملكة جوسون تحتفظ بمظهرها الأصلي في قرية غوم دانغ سيل التي تنتشر فيها دولمنات العصر البرونزي أيضا. كذلك، يجذب الجدار الحجري وغابة الصنوبر التي أُدرجت ضمن قائمة التراث الطبيعي الكوري أنظار زوار القرية
© بلدة يتشون

لاذات مثالية

كانت قرية “غوم دانغ سيل” التي تقع على بعد ٤٠ دقيقة بالسيارة من حانة سامغانغ إحدى هذه الأماكن العشرة المثالية. وتمثّل دولمنات العصر البرونزي الموجودة بجوارها دليلا على تأريخها العريق. واليوم، تجذب عشرات المباني

الكورية التقليدية المسماة بـ”هانوك” المحاطة بجدار حجري يبلغ طوله حوالي ٧ كيلومترات أنظار السياح.

عندما تجولتُ في القرية بهدوء، أدركتُ لماذا عُدّت واحدةً من الأماكن العشرة المثالية. فحقول الأرز الواسعة تحيط بها وتحدها شمالا سلسلة “سوبيك” الجبلية الشاهقة. في عصر مملكة جوسون، كانت القرية بعيدة عن طرق النقل الرئيسة، مما جعلها آمنة من الغزاة الخارجيين، لكنها ليست بذاك البُعد الذي يجعل التجّار

أو الموردين الآخرين لا يصلون إليها.

وثمة زهاء ٩٠٠ شجرة صنوبر تحيط بالقرية من الشمال الغربي على نحو ٨٠٠ متر. وقد زرعها سكانها القدماء منذ قرون مضت لحماية القرية من الفيضانات التي تحدث بشكل متكرر في منطقة نهر “غون تشون”. حددت الحكومة الكورية هذه الغابة من شجر الصنوبر محمية وطنية بسبب قيمتها الطبيعية والجمالية وأهميتها التاريخية. يمكن للزائرين التمتع بالجمال الخلاب الذي يقدمه الطريق المحاط بأزهار الكرز الوردية ولا سيما في فصل الربيع، حيث يبلغ طول الطريق المؤدي إلى معبد يونغ مون البوذي حوالي ٧ كيلومترات.

تم تصنيف Samgang Tavern كتراث ثقافي فولكلوري

أدرجت بلدية محافظة غيونغ سانغ الشمالية حانة سامغانغ ضمن قائمة التراث الفولكلوري المحلي. وكانت هذه الحانة توفر وجبات الطعام والإقامة للباعة المتجولين والبحارة.
© بلدة يتشون

في مهرجان Samgang Tavern Ferry الشهير.

تجرب الطفلة لعبة بونا دوليغي، لعبة القرص الكورية التقليدية، في مهرجان حانة سامغانغ والعبّارات التي تجذب كثيرا من السياح سنويا.
© بلدة يتشون

التراث العلمي

تمثل بلدة يتشون جزءا مهما من تاريخ العلوم الكوري. وكانت العائلات النبيلة في الماضي تنقل المعرفة إلى الآخرين بالاستفادة من امتيازاتها وثرائها.

عندما عاد الأستاذ “غون مون-هي” (١٥٣٤-١٥٩١م)، وهو مسؤول حكومي في عهد مملكة جوسون، إلى موطنه بلدة يتشون بعد التقاعد، كان يبحث عن مكان يمكن فيه أن يطور نفسه عقلا وجسدا ثم وجد مكانا مثاليا من الوادي الذي يشتهر الآن بطريق أزهار الكرز وبنى بيته على صخرة مرتفعة فيه حيث يمكنه التمتع بأجواء غابة الصنوبر والوادي. كما أن الضباب الذي يتصاعد من الماء في فصل الربيع يضيف سحرا لهذا المكان الجميل، مما يجعل زواره يشعرون كأنهم



موجودون في مكان أسطوري يقطنه الآلهة الخالدون.

في عام ١٥٨٢، بنى الأستاذ غون منزلا بسيطا ذا سقف من القش في مكانه المثالي. واحترق منزله بعد وفاته خلال الغزوات اليابانية في الفترة ما بين عامي ١٥٩٢ و١٥٩٨. وأُعيد بناؤه عام ١٦١٢ إلا أنه دُمر عام ١٦٣٦ خلال غزو تشينغ الصيني. أما السرادق الموجود حاليا في الموقع فبُني عام ١٨٧٠ وأُطلق عليه اسم “تشوغان جونغ” الذي يعني “سرادق في الوادي الأخضر”.

في مكانه المثالي، ألّف الأستاذ غون موسوعة “ديدونغ وونبو غونووك” التي تُعد أول موسوعة كورية وتغطي مختلف الموضوعات من العصور القديمة إلى القرن الخامس عشر، بما فيها التاريخ والجغرافيا والأشخاص البارزون والحيوانات والنبتات والحكايات الشعبية في كوريا.

هناك وحدات تقليدية كورية فيما يتعلق بالكتب؛ أولا، تدل وحدة “غون” على فصل حيث يتم تقسيم المؤلَّفات إلى فصول عدة بناء على موضوعات مختلفة، في حين تشير وحدة “تشيك” إلى كتاب فردي يمثل جزءا من مجموعة أكبر. والموسوعة التي ألفها الأستاذ غون مكونة من ٢٠ فصلا (غون) و٢٠ جزءا (تشيك).في الواحة التي أنشأها الأستاذ غون، كتب ابنه “غون بيول” (١٥٨٩-١٦٧١م) سجلات “هيدونغ جامنوك” التي تسرد بالتفصيل قصص المسؤولين الحكوميين الذين ظهروا في موسوعة والده. وهناك أيضا باحثان آخران وُلدا في بلدة يتشون وتركا مؤلفات مهمة؛ وهما الأستاذ “بي سانغ-هيون” (١٨١٤-١٨٨٤م) الذي ألّف موسوعة “دونغوك سيبجي” ذات المواضيع المتنوعة كالقانون الجنائي وزراعة الأرز والجغرافيا، والأستاذ “باك جو-جونغ” (١٨١٣-١٨٨٧م) الذي كتب موسوعة “دونغوك تونغجي” التي تسجل ثقافة مملكة جوسون في ١٤ موضوعا.

تشوجانجيونج

مظهر سرادق تشو غان جونغ الذي بُني على الطراز المعماري لعصر مملكة جوسون. يخلق السرادق انسجاما جميلا مع الطبيعة المحيطة به.
© بلدة يتشون



خير لا نهاية له

في بلدة يتشون، يوجد رمز يشير إلى حكمة سكانها القدماء الذين كانوا يسعون إلى تحقيق رفاهية المجتمع والتضامن بين أفراده، عبارة عن شجرتين تملكان الأرض رسميا. إحداهما شجرة صنوبر تُسمى بـ”سوك سونغ ريونغ” وتتميز بطول فروعها المفرط حيث يبلغ طولها من الشرق إلى الغرب حوالي ٢٣ مترا ومن الجنوب إلى الشمال حوالي ٣٠ مترا. أما الشجرة الأخرى فإنها شجرة الميس التي يُطلق عليها اسم “هوانغ موك غون” ويتشابه حجمها مع حجم شجرة الصنوبر.

شجرة الصنوبر التي يبلغ عمرها حوالي 700 عاما هي الأولى في البلاد التي تملك الأرض، حيث قرر السيد “لي سو-موك” الذي لم يكن لديه أطفال، بعد تفكير طويل، أن يترك أراضيه التي تبلغ إجمالي مساحتها ٦٦٠٠ متر مربع لشجرة الصنوبر هذه، وأطلق عليها اسمها الحالي “سوك سونغ ريونغ” ويعني “شجرة صنوبر سحرية”. وفي عام ١٩٢٧، سُجلت هذه الشجرة كمالك للأرض في سجلات ملكية الأراضي الرسمية.

لماذا لم يترك السيد لي أراضيه لأحد أقربائه أو أحد جيرانه المقربين؟ ترك إرثا للشجرة لصالح المجتمع، حيث تُستخدم الأرباح الناتجة عن إيجار الأراضي لتمويل المنح الدراسية للطلاب المحليين. لو ترك أراضيه لفرد معين لخلق فتنة بين أفراد المجتمع، إلا أن الشجرة ورثت إرثه نيابة عن المجتمع فيديره المجتمع بشكل جماعي ويستخدم الأرباح منه لصالح جميع أفراده.

اليوم، بعد مرور حوالي ١٠٠ عام، ما تزال شجرة “سوك سونغ ريونغ” تحظى باحترام السكان المحليين الذين يظلون مخلصين لرعايتها ويسعون إلى حمايتها من سوء الأحوال الجوية وقد وضعوا مانعة صواعق لمنع اصطدام صاعقة بها. وكان الطلاب وما زالوا يستفيدون من المنح الدراسية التي تمنحها هذه الشجرة.

أما شجرة الميس باسم “هوانغ موك غون” فإنها موجودة في قرية “غوم وون” التي تبعد عن شجرة “سوك سونغ ريونغ” حوالي ٣٠ دقيقة بالسيارة. تملك سجرة الميس هذه التي تتفتح زهورها الصفراء في شهر مايو الأراضي التي تبلغ مساحتها ١٣٦٢٠ مترا مربعا، أي أكثر من ضعف المساحة التي تملكها شجرة “سوك سونغ ريونغ”. كانت هذه الأراضي ملكية مشتركة للمجتمع في البداية، إلا أن ملكيتها نُقلت إلى شجرة “هوانغ موك غون” رسميا عام ١٩٣٩. وتُستخدم الأرباح من إيجار أراضيها لإعطاء منح دراسية لطلاب المدارس الإعدادية في القرية حيث يتلقون حوالي ٣٠٠ ألف وون كوري سنويا.

في الحقيقة، هناك سجلات تاريخية تشير إلى أن التبرعات المجتمعية في قرية غوم وون يعود تاريخها إلى أكثر من ١٠٠ عام حيث تبرعت كل أسرة فيها بملعقة من الأرز غير المطبوخ كلما أعدت وجبات الطعام لدعم الأسر الأقل حظا. ومن بين هذه السجلات، محضر اجتماع جمعية مجتمع قرية غون وون لعام ١٩٠٣ ومحضر اجتماع مدراء جمعية الادخار والإغاثة لعام ١٩٢٥.

سيوكسونغريونغ

تُعتبر شجرة الصنوبر المسماة بـ”سوك سونغ ريونغ” حارسا لرفاهية القرية وسلامها. وتتميز الشجرة بشكلها غير العادي إذ لها فروع يبلغ طولها ثلاثة أضعاف ارتفاعها وتدعمها أعمدة مصنوعة من الحجر والمعدن.
© غون غي-بونغ



قبر الكلام

وجدتُ جوهر الروح المجتمعية التي تعزز التضامن والسلام بإظهار الاحترام للآخرين من “قبر الكلام” الواقع في جنوبي بلدة يتشون. يبدو هذا القبر تلا طبيعيا عاديا إلا أنه عبارة عن هيكل اصطناعي بناه السكان المحليون من الصخور والتربة، حيث قرروا بناءه لـ”دفن” الأقوال والكلمات التي تسبب صراعات بينهم. فالأقوال والكلمات غالبا ما تكون بذرا ينمو منه الصراع.

ما الذي جعل قرية غوم دانغ سيل واحدا من الأماكن العشرة الأكثر ملاءمة للعيش، وكيف تستمر في الازدهار؟ ما تزال القرية تُعد موقعا مثاليا للعيش لأنها تتمتع بالأجواء الهادئة والحقول الواسعة وشبكة التوزيع التي يمكن الوصول إليها بسهولة. كانت القرية ملاذا للهروب من الغزوات الخارجية على عهد مملكة جوسون، في حين توفر القرية اليوم ملاذا للهروب من التوتر والمنافسة الشرسة التي تسود المدن الكبرى.

علاوة على المزايا الطبيعية والجغرافية، تكون روح المجتمع التي تتمثل بالتفاهم واحترام الآخرين من العناصر المهمة للأماكن الأكثر ملاءمة للعيش. وعندما سافرتُ إلى بلدة يتشون، استطعت أن أشعر بذلك في كل مكان منها.

قبر الكلمة

في الماضي، بنى السكان المحليون “قبر الكلام” لتهدئة الصراع الذي يشعله الكلام الاستفزازي. وتشير العبارات المنقوشة على الأحجار إلى ضرورة الانتباه إلى ما نقوله.
© سين جونغ-سيك



غون غي-بونغ كاتب

전체메뉴

전체메뉴 닫기